الخميس، 22 مارس 2018

اجمعوا أوهامكم وانصرفوا..

تعليقا على بيان "الرأي السياسي"
تستوقف العبارات التي صيغ بها بيان هذه المجموعة التي لا نراها، ولكن يمكن شم رائحة العفونة من بيانها الذي أصدرته.

إنها عبارات تصدر عن "ثقافة غذائية" بامتياز، ثقافة المردودية النفعية (لاحظوا عبارة منتجة في أول سطر)، عندها لا يبذل المرء مجهودا أكبر في سماع صدى تلك الثقافة التافهة التي همزت هذه الشياطين في أيامنا القائظة هذه.
في جو سياسي متأزم (حيث ينتعش مثل هؤلاء ) يتميز بفشل المبادرات السياسية لاحتواء الأزمة وتعنت السلطة لإقامة انتخابات رئاسية تفتقد أبسط عناصر المصداقية والثقة يتسلل هؤلاء من الهامش ليلقوا بأوهامهم على السطح.
طبعا لن أستطرد في السلبية التي يحملها هذا البيان بقدر ما سأعرض مجموعة من الاستنتاجات السريعة التي توصلت لها من خلال قراءتي للبيان:
1. يعتبر البيان استجداء مريعا للسلطة، بشكل غير مشرف لاستدرار عطفها وحنانها، وتعبيرا عن حب من جانب واحد (إننا نعتبر أنفسنا جزْءا من النظام، وإن تَبَدَّى لنا - شيئا فشيئا - أن هذا الفهم إنما هو من جانب واحد، هو جانبنا. ولذلك نرى أن من واجبنا المشاركةَ، ولو بكلمة، فى الحيلولة دون بَتْر الأمل وضَيَاع المشروع.) وعلى هذا يكون البيان محاولة يائسة لإنقاذ هذا الحب المستحيل!!.
2. يعتبر البيان أن هناك ضبابية في المجال السياسي الوطني، وحق لأصحابه ذلك، فمن يتجاوزه الزمن يضعف نظره وربما بصيرته، المجال السياسي بالنسبة لنا يشهد فصلا جديدا بين قوى النور وقوى الظلام، قوى التقدم وقوى الرجعية، قوى الإصلاح وقوى الفساد، ولا مجال فيه لقوى تتسول على الجانبين.
3. يبشر البيان بانقلاب على السلطة فقط لأنها تتجاوز القوى الداعمة لها، لا لأنها فشلت في رفع التحديات التي تواجه شعبنا، وفي مقدمتها القضية الديمقراطية ـ التي كان هذا التيار دائما ما يعمل بطريقة ما ضدها ـ إضافة إلى التحديات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، والأوضاع المعيشية.
4. ينتقد البيان المعارضة والسلطة ظاهريا، لكنه يحكم على المعارضة بالفشل النهائي، بينما ينذر السلطة وكأنه يعلن انتماءه ومطالبه بشكل غير مباشر: نحن مع السلطة وضد المعارضة، ولكن في وجه الموسم الانتخابي عليكم أن تمنحونا شيئا من الكعكة وإلا..
5. إلا ماذا؟ بغض النظر عن حجم هذا التيار وتأثيره الذي لا يرى بالعين المجردة ولا العين الفاحصة، فإنه لا يتورع عن تهديد النظام بسبب أنهم لم يروا " أيَّ صيغة - مهما كانت بدائيتُها - للعمل السياسي وإشراك الأصدقاء والمخلصين في الرأي والقرارات السياسة" الأصدقاء والمخلصون: هم التيار السياسي!!
6. يغازل البيان المؤسسة العسكرية ولا يجد غضاضة في امتداح تدخلاتها المستمرة في الشأن السياسي، في الوقت الذي تجهد فيه غالبية القوى السياسية إلى إلزام هذه المؤسسة دورها الدستوري والطبيعي في أي دولة مدنية ديمقراطية.
7. يلجأ التيار المذكور إلى "بعبع" مرد على استعماله في استمالة الأنظمة إليه، محذرا من فتنة عرقية دأب على ابتزاز الأنظمة المتعاقبة بها، وقمع الجماهير عن المطالبة بحقوقها بهذا البعبع.
إنها ذات الرؤية العتيقة التي لا تتجدد والتي أخرت التقاء هذه الجماهير وتأخرها عن الانطلاق.
8. يحطم هذا التيار أي أمل في التغيير إلا عبر "المجهول" الذي يعشش في خيالاته، في حين ينتقد على المعارضة انشغالها بمطالب غير "واقعية" وهذا هو التناقض.
9. أي عجز يمكن أن يحدث فوق التسليم لـ "المجهول" وتفسير الأمور حسب منطقه؟
10. حين أراد أن يمثل هذا التيار المعاتب لحبيبته السلطة لـ "المجهول" الذي يخوفها به ضرب مثلا: بن علي والثورة عليه، فهل يتوقع هذا التيار ثورة شعبية على النظام؟ وإذا كان الأمر كذلك فأين يصطف هذا التيار: مع السلطة ضد هذه الثورة "المجهول" أم معها؟ نريد فقط أن نعرف لماذا يحرص التيار على نصح النظام قبل أن يداهمه "المجهول".
11. أوافق على توصيف التيار لهذه الانتخابات إلى حد ما، فهذه الانتخابات ستقضي على آمال كثيرة لبعض المتعلقين بالأنظمة والطامعين في قصعتها، لكنها ستفتح آمالا جديدة في التطلع لتغيير جذري ينهي الأنظمة المهترئة التي دعمها هذا التيار منذ 1979 .
12. حديث التيار عن الأمل مستفز حقا، فعرابو الانقلابات هؤلاء، الذين كانوا دائما في وجه الأمل بدعمهم ورعايتهم للانقلابات المجهولة والمعلومة، "لا نعطيهم الخطمة" في الحديث عن الأمل، كما لا نعطي رأس النظام هذا الامتياز، فالأمل كلمة عظيمة تحتاج لتصديقها إلى بذل جهد لمنحه لهذا الشعب العظيم.
لن تحطموا آمالنا بأقوالكم كما لن يحطمها النظام الذي تتضرعون إليه ليشرككم في كعكته بأفعاله، أو ردات فعله، فالأمل الذي ينبعث من نفوس آلاف الشباب الموريتاني عصي على المتاجرة به، منيع على التحلل.
لهذه الملاحظات وغيرها أطلب منكم أن تجمعوا أوهامكم وتنصرفوا عن مشهدنا، وتبحثوا عن تابوت مناسب لـ"رأيكم السياسي" .
27 ابريل 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق