الثلاثاء، 29 يوليو 2014

لمغيطي: ضياع × تجاهل

Veni – Vidi – Vici
بهذه الكلمات اللاتينية الثلاث لخص فارس صليبي رحلته إلى الشرق الإسلامي في إحدى الحملات الصليبية، وبها – رغم اختلاف الزمان والمكان والموضوع ـ ألخص رحلتي هذا المساء إلى الافطار الجماعي لمغيطي 2 حيث فوت الإفطار الأول وبحسرة وعزم اتصلت على Mohamed Mahmoud Toulba لينير لي الطريق إلى الحي، وفي حدود الخامسة كنت هناك..

(أتيت) لألتقي بمجموعة خيرة من أبناء هذا البلد رفضت إلا أن "تفكر بغيرها"..
أتيت إلى كوكب آخر، حيث يسكن أناس من لحم ودم في أكواخ ناطقة بالبؤس، تتوسطها هضبة من قمامات الأوساخ رمتها الجهات المسئولة عن نظافة المدينة وكأنهم يؤكدون على أن لا مكان للبشر هناك، ولكننا وجدنا بشرا حقيقيين يسألوننا بكل براءة: هل هذا الماء "يُخَلَّصْ"؟ عندما بدأنا بتنظيم توزيع الماء عليهم بعدما تفضل منظمو الإفطار بجلب صهريجين للماء، وكأنهم تعودوا على أنه حتى وجودهم هناك بثمن!!


أسلاك الكهرباء تنتشر كأخطبوط في الطرقات بين الأكواخ مهددة في أي لحظة بإنهاء روح طفل راكض لاعب بما تيسر له من سبل الحياة التي يبدو أنها تدير وجهها عن هذا الحي..



(رأيت) الشباب: El Matadoor Housein عالي الدمين @الحسين ولد سيد أحمد ميدو Mohamed Vadel والآخرين يعمل بنشاط وجدية حريصا على إيصال اللقمة والشربة إلى أفواه هؤلاء المسحوقين، ناقلين أو حاملين للتجهيزات الضرورية لذلك، وكانت الفتيات أكثر حيوية عندما كن يطبخن أو ينظمن الموائد.
اقترب الإفطار، الدكتور Elhadj Brahim الذي يدرس في الجامعة يدلك اْنشَ مقدما أعمق درس من دروس ما يجب أن يكون عليه المثقف، نحمل قدران منها لتوزيعها داخل الحي، وتبقى واحدة لمن رضي بالمجيء، الصحفية Salma Cheikh Elweli التي هجرت نشرة أخبار محطتها الإذاعية تقدم أبلغ نشرة عن معاناة البسطاء وهي تجهز أطباق التمر وصحون الحلوى، وشاعر الحرية الشيخ ولد بلعمش ينحاز كما اعتاد إلى صفوف المسحوقين والمظلومين بقصيدة عملية وهي حضوره لهذا الإفطار في قلب المعاناة.
والناشطتان الحقوقيتان محجوبة آكاه و Jemila Mintتعطيان معنى سرياليا لديناميكيتهما عبر خلطات "ازْريك"..


والأستاذ شماد يرفع مقداره كمربٍّ للأجيال بحمله لصحون المساكين لتملأ لهم بأطاجين أو الشعرية..
أذن المؤذن ونحن في أعماق الحي نوزع ما جاد به القِدْر.. عدنا لطلب كأس من يد الصحفي Abdou Brahim Abdou .
ساعتها أحسست أنني "انتصرت" عندما لمست إرادة هؤلاء الخيرين في رفض الظلم والتهميش لأولئك السكان الذين يقطنون في حي من أحياء عاصمة الجمهورية (الإسلامية) الموريتانية، انتصرت لأنني وجدت من يحمل معاناة المواطنين ويشاطرهم ألمها.
شكرا لأنكم أتحتم لي فرصة أن آتي وأرى وأنتصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق