الخميس، 22 مارس 2018

رسالة من ولد المشظوفي

..متُّ.. لأن موتي كان مفتاحا للكثيرين ليجدوا طريقهم للحياة: رفاقي العمال في MCM الذين تلمسوا طويلا دروب الحياة الكريمة بعيدا عن استغلال الوسطاء (التاشرونه)..
و تاهوا في طرقات الاعتزاز بوطنهم حيث يعاملون كبشر أو كآلات على الأقل لها حقالصيانة و التطوير إذ يكتتب العامل على أنه سيدير آلة و يفني عمره في إدارة تلك الآلة دون أن يطور 82;براته المعرفية، و يكتتب على أنه لا يسقم ـ وإن مرض فعليه أن يجهد في إقناع مديره الأجنبي بأنه يمكن أن يمرض حتى يعطيه راحة ـ و يكتتب على أن الأعياد للعاجزين فحسب فلا يمكنه أن ; يحتفل حتى بعيده الوطني!!، أما العيدان الكبيران فهناك حوافز مادية على أن يعمل فيهما..
و كَلُوا من أجل أن تكون لهم حقوق العمال البسيطة المعروفة منذ نهاية القرن التاسع عشر !
.. متُّ.. لأفتح الطريق أمام كل مواطن ليعرف حقه، و يطالب به، و يبدي أنه مستعد للموت من أجله.. و يفخر بأنه حي، و كريم !
.. متُّ.. لا لتحزن علي الأمهات و الأسر كما فعلت أمي و أسرتي، بل مت كي يطالبوا بالتحقيق في وفاتي، و لا يقبلوا السكوت عن قتلي بدم بارد !
.. متُّ.. لا لتتصارع النقابات، و تدعي كل واحدة منها أنني قطعت آخر بطاقاتي النقابية فيها، بل مت من أجل أن يضغطوا و يناضلوا من أجل حقوق آلاف المنتسبين “الأحياء” لنقاباتهم !
.. متُّ.. لا لتقوم قوى الاحتجاج و المعارضة بوقفات ليوم أو يومين ضد قتلتي ثم يتوقفوا عن ذلك، بل مت من أجل أن لا يموت أي محتج في المستقبل لمجرد أنه احتج مطالبا بحقه ! ..متُّ.. ليواصل وا الاحتجاج..
.. متُّ.. لا لتهزأ الحكومة من عقول مواطنيها، و يتبجح مسئولوها أمامكم بالاستقامة و تطبيق العدالة، و يزورا الحقائق الماثلة للعيان من خلال تشريح جثتي و العبث بأحشائي دون الوصول إلى النتيجة التي تعرفونها جميعا و هي أنهم مسئولون عن قتلي.. بل مت ليعترفوا بأخطائهم و تحاسبوهم عليها بالإقالة أو العزل.. لن يكون لموتي و لا لحياتكم معنى لو قبلتم ببقاء قائد الحرس، وزير الداخلية، والي إينشيري، حاكم أكجوجت..إلخ.
.. متُّ.. لا ليقول رئيسكم في لقائه في أطار أنه سيقمع، و أن “من يلقي بنفسه للتهلكة سيهلك” على يدي شرطته و حرسه و جنوده، بل مت ليخجل من فعلته و يطلب منكم الغفران عما اقترفته يدا  7;، و يعمل على تسوية ما تحركت أنا و رفاقي من أجله.. و “مت” أنا و “عاشوا” هم إن كانوا كذلك فعلا !
.. متُّ.. لتصبح ذكراي مهمازا يقوي عزائمكم على المضي في الحياة بكرامة و شرف و حرية و اعتزاز، و عصا يتوكأ عليها الساعون لتشييد صرح للحياة على هذه الأرض..
.. متُّ.. لتصير روحي شبحا تطارد المزيفين للحقائق، المتاجرين بعرق البسطاء الطيبين، المرتهنين لدى الطغاة، باسطي أكفهم بالتهليل و النفاق لأصحاب النفوذ و السلطة، المعرضين عن آمال هذا الشعب، لتقلقهم و تلعنهم كلما عادوا إلى سيئ أعمالهم..
لم أكن أحسب أن راحتي و نعيمي بالاستشهاد في قضية عادلة يمكن أن يشوبها كل هذا العذاب بفقدان الذاكرة لقضيتي و الذي أصاب رفاقي و كل الذين تألموا لمفارقتي للحياة و أنا في عمر 94;ض طري، لم أشبع من الحياة بعد، و لم استكمل بعد مشوار العمر.. !!
أعجب حقا.. بكل هذه السرعة تناستني ذاكرة هذا الوطن أسرع حتى من ذاكرة البغي.. !!
هل أندم على “حياة” مقدسة صانها الله بكل قيد منيع استبيحت دون وجه حق (حياتي)، أم أرثي لــ”موت” كل موريتاني تركته ليحيا من بعدي؟!
سيد ولد محمد الامين 
15 يوليو 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق